الخميس، 17 ديسمبر 2009

المهدي المنجرة رجل الكرامة الممنوع





من الصعب الإحاطة بشخص متعدد كالمهدي المنجرة. متعدد في المهام التي تقلدها و حقول المعرفة التي خاض فيها لم ينزو للكتابة فقط، بل مفكر يكتب ويتحرك أكثر من الشباب الذين شاخوا. وهو الشيخ الذي لا زال شابا في نشاطه وتعاطيه الفكري وحداثته وأسلوب فكره. شخص لا يستطيع المكان أن يهزمه. لا يستطيع أن يعيش إلا على سطح الكرة الأرضية كلها. فهو يتنقل طيلة السنة بين المغرب واليابان وأمريكا وأوروبا. مفكر إنساني تعرفه جيدا جامعات العالم ونخبة العالم و صالونات الفكر العالمية . في هذا العمود لست مطالبا بان أذكر بان المهدي المنجرة هو أول طالب جامعي مغربي يدرس في أمريكا، أو أول أستاذ جامعي في المغرب، أو أول دبلوماسي أو تربوي وأول إذاعي.. ستجدون لائحة طويلة يحتل فيها الدكتور المهدي مرتبة أول..أول.. إلى أن صار أكثر المفكرين وأولهم في المنع في المغرب وصلت لحد الآن 12 منعا من مختلف إدارات المغرب، موزعة على مختلف أنحائه. مفكر حاول تنظيم حوار جنوب شمال وما بين الحضارات وأنشأ لذلك جائزة نالت احتراما دوليا تستمد احترامها من احترام صاحبها. الأمر الذي يؤكد معرفة الرجل بثقافات الشعوب واحترامها ومعرفة عقليات هذه الشعوب، مما يؤكد سعة فكر هذا الرجل واختياره للمعارك الكبرى على المساحات الشاسعة والصعبة والوعرة. أن ينال احترام نخبة العالم ليس بالأمر الهين ..

إنه تحدي عالم ومفكر مستقبلي بمنهجيته وطريقة تفكيره ذو شخصية قوية تدعمها كفاءته العلمية التي تشرف المغرب والمغاربة والعالم العربي ودول الجنوب والشرق. المهدي الذي حارب الحروب من أجل السلم والتعايش عبر ندواته ومحاضراته وجائزته. انتهى به الصراع إلى الانتباه إلى أمر في غاية الأهمية وهو هدر كرامة الإنسان في هذه الحروب، سواء التي أسالت الدماء أو أسالت الدموع. وقرر تحويل جائزته إلى جائزة الدفاع عن الكرامة، وهو ما يشبه خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام . تعتبر قيمة الكرامة محورا أساسيا في اهتمامات الدكتور المهدي، فهي التي حركت فيه الحرب الحضارية وأنتجت الإهانة في عهد الميغاإمبريالية وأعطت قيمة القيم وأرسلت رسائل إلى تجار الخوف والخوفقراطية حتى صارت مفاهيم المنجرة تعبيرات يستلمها الناس في خطاباتهم اليومية، مما يعني أن المهدي له امتدادات شعبية لا يستهين بها كذلك الصحافيون والكتاب الذين يجدون غالبا أمامهم عبارات ومصطلحات المهدي سبيلا لإيصال أفكارهم عبرها. عن مفكر الشعب الذي لا يفكر إلا انطلاقا من حاجيات الناس، أليس هو الذي يمكن أن يستحق صفة مفكر الشعب ومثقف الشعب أو كما ألفنا استعمال المثقف العضوي. أسس جائزة الدفاع عن الكرامة لأنه لم تبق كرامة .. لا مستقبل لمن لا كرامة له، لا دولة لمن لا كرامة له، لا بيت لمن لا كرامة له لا زوجة لمن لا كرامة له، و لا زوج لمن لا كرامة لها، ولا كيان لمن لا كرامة له، ولا تاريخ لمن لا كرامة له .. وقليل قليل من يحافظ على كرامته بالشكل المطلوب وأحس بشرف عظيم و بمسؤولية أعظم أن أكون من بين من حصل على جائزة الدفاع عن الكرامة للدكتور المهدي المنجرة، فهي فخر لي ولأبنائي ومسؤولية للاستمرار في الدفاع عنها إلى جانب زملائي أصحاب رسالة إلى التاريخ، وإلى جانب من حصل عليها مثل الكوميدي الممنوع أحمد السنوسي ورشيد نيني مدير جريدة المساء وعز الدين أقصبي باسم ترانبارنسي المغرب

... لا بد أن يكون شخص مثل هذا ممنوعا في بلاد هدر الكرامة وهدر حقوق الإنسان وهدر الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير، هو الذي أطلق من تطوان صرخة "باركا" لتكون أسلوبا في الاحتجاج على الواقع المغربي. باركا من هدر المال العام و الاستعباد والقمع والتخلف باركا باركا ... أطلقها من تطوان عندما استضافته جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في محاضرة عن مستقبل حقوق الإنسان بالمغرب، إلا أنه جاء رد عاجل من القيمين على دار الثقافة بتطوان لمنعه من إلقاء هذه المحاضرة بهذه الدار، حيث غيرت الجمعية مكان اللقاء إلى قاعة خاصة رغم كبرها واتساعها، لم تسع الحضور الذي حل للقاء المنجرة .. لقد قال المهدي : لا ولا و لا... وفسح للشباب و الشيوخ الحديث .. وأتذكر ويتذكر الدكتور تلك الجامعية التي تدخلت وقالت له: يكفينا فخرا أنك منا .. زهد في المناصب وقرر أن يقول لا، بشكل علمي وفكري رزين، يبين مكامن الضعف سواء في المنظومة التربوية أو المنظومة السياسية أو الاقتصادية، يقدم الأرقام والحجج لإقناع الآخر سواء كان عدوا أو صديقا .. انتبهوا إنه شخصية حقوقية بامتياز، خبير كذلك في مجال حقوق الإنسان، إنه مؤسس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، غادرها عندما أحس بشيء يقول له غادر" فغادر"، لحد الساعة لم يندم كما لم يندم على حرف كتبه أو كلمة نطقها أو صرخة أطلقها أو مبادرة أنجزها أو ابتسامة أدفأ بها جلسته مع الأعزاء. دامت له الصحة والعافية وطول العمر.

عن " المشعل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق